في وطننا العربي أغلب المثقفين انتهازيون يلتزمون الصمت حتى تنتهي الحرب فيضمون صوتهم للأغلبية
لينين كان محقاً حين صنف خيانة المثقفين في خانة أقبح الخيانات
وأبشعها.. وقد نغفر تردّد ونكوّص شخص جاهل أو أميّ.. وبدل
المبرّر، سنجد له عشرة.. لأنه في الختام، بالنظر لجهله، ضحية
نظام دسّ سمومه في كل شيء؛ بما فيها إشهارات العمران
والبقرة
الضاحكة..
المثقفون ملاّعين وأنذال.. ولم يكن المُفكر صادق جلال العظم
بكاذب أو مفترٍ، حين وصفهم بالثعالب التي لا تستقوي إلا على
فراخ الدجاجات.. يلجأ المثقف إلى المراوغة ليغطي عن عجزه
وتخاذله وانبطاحه؛ وهو بشكل أو بآخر، يخدم أجندات نظام
داخلي
مستبد وسياسيات النيوليبرالية القبيحة.. يجد لبقاءه خلف الحاسوب
بكِيطمة النوم عذرا، ويزينه ببعض المحسنات البلاغية واللفظية،
ويضيف ترياق السنوات، ويدخل الوصفة لفرن الاستسلام. إلى
هنا، يظن بأن دوره قد انتهى في تحضير الحل السحري، فيتربع
في جلستهِ يتابع ردود أفعال القطيع فيما قاله، شاعِراً بنوع من
نشوة الاستعلاء الفارغ كونه يدلي بدلوه في مسائل، كان الأجدر
به
والأفيّد، أن يلزم الصمت حتى لا يحُوز الإثم كله..
ملاّعين؛ أو كما سماهم المفكر الاستشراقي إدوارد سعيد، بنبات
الشوك الذي يعيق امتدّاد اليد لتلامس رقة الوردة.. يمنعون
الأحلام
والآمال بتأويلاتهم السمجة.. يوقفون سيرورة التاريخ، ولو
مرحلياً، لأن عجلة التاريخ يستحيل فرمّلتها وسنة الأولين خير
مثال..
مأساة فلسطين، بعيدة عن كون من يخرج لنصرتها، مزهوا
بالعروبة أو بالإسلام.. أو هو يلف الكوفية حول عنقه خوفاً من
حساسية الشمس؛ وتعاطف الجماهير معها، من باب إنساني،
نفسه،
وبدرجة أكثر، هو نفسه شعور الإلتزام بقضايانا الوطنية..
اميضر.. الريف.. جرادة.. ضحايا الفوّاجع والمستشفيات..
وغيرها.. بالنسبة للمثقفين العاجزين عن ممارسة الجنس مع
خليلاتهم بلا أقراص فياغرا؛ فالفلسطينيين صاروا ضحايا
الداخل.
نعلم أن الشعوب بيعت من طرف قياداتها.. نُدرك أن العملاء
موجودون دخل الشعوب، ومسألة أن يجرفهم تيار التغيير
والحرية، مسألة وقت ليس إلا.. ومع ذلك..
لن يمنعنا من رفع شعارا طالما رددته الحناجر..
الأنظمة تُساوم.. والشعوب تُقاوم
في فيلم أمريكي لم أعد أتذكر اسمه، بالقدر الذي ظلت لقطة منه
عالقة بذاكرتي.. جنرال يقف شخصياً على اعدام كاتب مغارض
لنظام فاشيستي، وبجواره جندي يوجه البندقية لصدر الكاتب
بيدين
ترتعشان .. وقبل أن يرفع يده كدليل إشارة لإطلاق النار، توجه
بكلامات للجندي المكلف بالمهمة..
ء كلماته أقوى من الرصاصة .. لهذا حرصنا على اعدامه أولاً..
وقبل الجميع..
والله أعلم عاوتاني..
حسن الحافة
0 تعليق
إرسال تعليق