إني أحبّ الله من زاوية قد لا تُعجب البعض ..... شغف القراءة - فيديوهات

إني أحبّ الله من زاوية قد لا تُعجب البعض ..... شغف القراءة







إني أحبّ الله من زاوية قد لا تُعجب البعض.. وأراه في أماكن قد لا يرّاهُ فيها الكثيرين ... لا أراه فوق السّجاد الحريري المُطرّز المريح.. ولا فوق خشبِ عرعار محراب منقوش ... ولا في قارورة المِسك المغشوش .. ولا في لُحى المشايّخ المصبوغة.
أراه في عينيّ طفلة توزع الورد على مقاهي الكورنيش.. تعطيك ورة وتبتسم، وإن إشتريتها من عندها تدعو لك بالصحة، والأجر الوفيّر.. وإن رفضت، تنصرف مُطأطأة رأسها تراقب الوردة الحمراء، وتترجّاه أن لا تذبل حتى تبيعها لعاشق مُفلس.. فيستجيبُ لها..
لأني ما رأيت قط طفلةً تبيعُ الورد الذابل..
إني أراه في "خرقة" المُشرديّن بالساحة.. وفي ذاك الطفل ذو التسعة سنوات الذي يعرف جيداً كيف يدخن سيجارة.. يُمسكها كرجل ثلاثيني بلغ منه الإدمان ليتعلم بسرعة.. أراه في عينيّ كفيفٍ لا يصطدم بحاجز، ولا يتعثر في عتبة مدخل المقهى المرتفع.. أحداً ما يخبره أن العتبة عاليه، فيرفع رجليه كأنه مُبصر مثلنا ويتجاوزها.. إنه الله.. هو من أخبره. إلّــهي لا يبغي السوء لأحد.
أراه في شرٰنقة وردة تنمو.. وعصفور صغير يقاوم ليكبر.. وطفلٌ يسرح بالمناديل وسط المدينة.. ومتسولة تبِيع الكلمات والدعوات.. وسائق طاكسي لا يغشّ في سومة العدّاد.. وبائعة "مسمّن" لا تستعمل زيّت البارحة ولا عسل سكرٍ مُحلّى.. وحَدّادٍ يصنع أبواب الفيلات وبيته مكشوف.. وبناء يشيّد القصور، وسقف كوخه يقطر عند زخات مطر الشتاء الأولى.. وفي بدوّية تغطي حمارها وتنامُ هي برّدانة.. وأم تنتظر عودة إبنها من المدرسة.
أراه في الجمال.. إلّــهي جميل، لهذا أحبه. إلــهي إلــه الورد.. والربيع.. وعريشة يستريح فوقها طائر هدهد يروّح لعشه مساءً.
إلّــهي إلــه الصباحات المُشمسة.. والغروب الأحمر، والزوالات التي لا يختطف فيها طائر الحُدأة فرخ دجاجة مطمئن أن لا خَطر يُحدّق فيه من السماء؛ يُختطف، ويترك أمه تقُطقط طول النهار حَزينة على فراقه، ومُنبهة باقي الدجاجات؛ أن انتبهن لفراخِكن.
أراه في جسد ممشوق ومفتول كأنه السيّراميك الذي لايصدأ.. ألمحه في عينيّ غجرية هاربة من مسلسل إسباني مُترجم.
أراه في أمي وهي تبكي.. وتعْجن.. وتغسل الصحون.. وتسّجد.. وتطعم الدجاج.. وتمنح للحَمَل اليتيم رضّاعة الحليب. أنا أحب إلــه أمي، فهي تعبده دون تعصب، وبلا حاجة لوصيّ.. تعبده باستسلام يظهر لي في سبابة يدها وهي تُسبح باسمه.
إلــهي لا يعرف لوّن الدم.. ولا لوّن السواد.. ولا نصلّ الرمح.. ولا رشاش ومدفع.
إلّــهي يزرع شتائل الورد.. والسّنابل.. وحبة التمر.. وعناقيد العنب الأخضر.
إلّــهي لا يشتم ولا يقتل ولا يختطفنا كما تفعل الحُدأة بالكتكوت.. بل يمنح الأفرشة البيضاء لنُٰغطي بها بشاعة أفعالنا.

حسن الحافة

0 تعليق

إرسال تعليق

أكتب لتعليق ...لك حرية الرأي والتعبير