أعطيتك كلمة ولن أخذلك.. سأجعلك مشهورا ؟
جلست على مقعد طويل، بعيدا عن ضجيج أطفال يلعبون وسط الحديقة. فتحت كتابا واستغرقت في القراءة. شخص مجهول جلس في الطرف الآخر من المقعد، قال :
" تقرأ للتسلية؟ "
"نعم.. لا.. أعني أحضر لكتابة رواية"
"أنت مثل نجيب محفوظ "
"نعم.. لا.. أعني هو فاز بنوبل.. أنا مشروع كاتب رديء"
"لكنك كاتب على أي حال"
"لا.. أقصد أريد أن أصبح كاتبا ..لم أصبح بعد" نطقتها وعدت لتصفح الكتاب، لكنه استمر في الكلام. لم أرفع رأسي .سيتعب ويمضي. لكنه خذلني ولم يتعب. قال:
" لم تخبرني.. عن أي شيء تدور روايتك؟.. أعني التي سوف تكتب"
" ما زلت لم أحسم.. لدي أكثر من فكرة.. الحيرة شريرة"
"لدي عرض أرجو ألا ترفضه"
ابتسمت فأضاف " أريدك أن تكتب رواية عني.. أو بتعبير أدق.. تعيد كتابة قصتي"
قلت:
"هل كتبت قصة من قبل ؟"
"لا.. لست كاتبا.. "
"تعني قصة حياتك إذن؟ "
"أجل.. "
"ماذا تعني بإعادة كتابتها؟"
"كتبها نجيب محفوظ ولم تعجبني.. "
تعففت عن الضحك، وقلت كأني أخاطب شخصا عاقلا:
" متى التقيته يا رجل؟ "
"قبل ستين عاما"
ابتسمت، ثم انفلتت مني ضحكة، فمسحت وجهي من الجبهة إلى الدقن.
"لا تصدقني؟ " قالها بصوت يدنو من النحيب.
"بلا ..لكن ..تبدو شابا دون الثلاثين.. "
" اسمعني جيدا.. كل الشخصيات في الروايات لم يخلقها مؤلف. إنها موجودة منذ الأزل في عالم مخفي. شخصيات خام بلا تاريخ ولا قدر. تأتي من عالمها لتقابل أي كاتب يبحث عن مجد ، تعرض نفسها عليه، وليس من حق الكاتب أن يرفض، وإن رفض عاقبته بعجز إبداعي لا شفاء منه... أنا جئت من عالمي وعرضت نفسي على محفوظ، رفضني في اللقاء الأول، لكن لأني ذو روح طيبة لم أشأ أن أصيبه بعقم إبداعي، وبقيت ألح عليه عاما كاملا ولما عجز عن التخلص مني، وافق على توظيفي في رواية، لقد كتبها مكرها ولم يسامحني لأني فرضت نفسي عليه. انتقم مني ، غافلني وجعل نهايتي مأساوية"
بدا لي صادقا كأي مجنون، قررت أن أجاريه حتى ينصرف. سألته :
" ما اسمك؟ "
" سعيد مهران "
"أبو سناء! "
" أجل.. حرمني محفوظ منها... اسمعني...بعد أن يتم الكاتب روايته .. نعود إلى عالمنا.. لا كشخصيات خام بلا تاريخ.. بل نعيش كما
0 تعليق
إرسال تعليق