▪︎خارج الطريق: مكانك في العالم ليس أكبر من تلك المساحة التي تحتلها قدمك، وذاك الطول الذي ترتفع إليه قامتك. كلما خطوت إلى الأمام، انتقلت من كونك عالما خاصا بذاته، إلى عالم يتحرك وسط ذوات الآخرين.. التقدم نحو الأمام، تنازل مستمر على مساحات من عالمك الذي لم تعد تمتلكه. تتماهى ذاتك مع العالم حين تغادر تلك المساحة التي تحتلها قدمك، لتتحول إلى مجرد خطوة في طريق الجماعة. حين ترفع عينيك نحو السماء، وأنت تخطو، تصبح خارج الطريق، تصبح خطوتك ارتكازا مستمرا على مخزون اللاوعي والذاكرة، لمعرفة معالم الطريق. لا يمكن أن تتقدم إلى الأمام، وأنت تنظر إلى السماء؛ النظر الى الأعلى يلغي الحركة نحو الأمام، يجعلك متجمدا بخطوتك في اللحظة. حين تقف الذات في مكان واحد، تصبح الأقدام خاضعة لجاذبية الأرض، يستعبدها الجمود، ويستهويها كسل عد خطوات العالم. أن تنظر إلى السماء وأنت تمشي، تتحسس الأرض بقدمك، وتبحث في نفس الآن عن عظمة الله في السماء؛ عملية تحكم على ذاتك بالسقوط لا محالة. كل خطوة نحو معرفة الذات، تحتاج إلى أقدام واعية بصلابة الأرض، قادرة على إلغاء رغبة العين في النظر إلى السماء، تجنبا للسقوط.. إيقاع خطوة الذات، تحكمه نظرة العين إلى الأفق، كل خطوة تراجع واعي عن معرفة ما تريده القدم من السماء. لا تنظر أبعد من الخطوة التي تقودها عيناك، حين تنظر إلى السماء، توقف قليلا، قارن بين سحابة تعبر أفقك، وتلك التربة التي تسحقها بقدميك. قد تتعب من النظر إلى السماء، قد تتعب من المشي بخطوات حثيثة في الطريق. لكنك لن تتعب حين تعرف طريقك إلى ذاتك. ذاتك التي لن تجدها، لا في خطوات قدميك على الطريق، ولا في رفع عينيك إلى السماء؛ لأنها كانت هنالك حيث لا تمشي ولا تنظر؛ هنالك خارح الطريق.
0 تعليق
إرسال تعليق