العين حق.... حقيقة العيْن وطرق الوقاية منها وعلاجها
الحمد لله
هذه بعض المسائل والفتاوى المتعلقة بالعين ، ونسأل الله تعالى أن ينفع بها .
سئل علماء اللجنة الدائمة :
ما حقيقة العين - النضل - قال تعالى : ومن شر حاسد إذا حسد ؟ وهل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم صحيح والذي ما معناه قوله : " ثلث ما في القبور من العين " ؟ ، وإذا شك الإنسان في حسد أحدهم فماذا يجب على المسلم فعله وقوله ؟ وهل في أخذ غُسالة العائن للمعين ما يشفي ، وهل يشربه أو يغتسل به ؟
فأجابوا :
العين مأخوذة من عان يعين إذا أصابه بعينه ، وأصلها من إعجاب العائن بالشيء ، ثم تتبعه كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرها إلى المعين ، وقد أمر الله نبيَّه محمَّداً صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد ، فقال تعالى : ومن شر حاسد إذا حسد ، فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائنا ، فلما كان الحاسد أعم من العائن كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن ، وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعين تصيبه تارة وتخطئه تارة ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ، وإن صادفته حذراً شاكي السلاح ( أي : تام السلاح ) لا منفذ فيه للسهام لم تؤثر فيه وربما ردت السهام على صاحبها .
(من " زاد المعاد " بتصرف) .
وقد ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإصابة بالعين ، فمن ذلك ما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرني أن أسترقي من العين " ، وأخرج مسلم وأحمد والترمذي وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العين حق ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " صححه الألباني في السلسلة الصحيحة ( 1251 ) .
وأخرج الإمام أحمد والترمذي ( 2059 ) وصححه ، عن أسماء بنت عميس أنها قالت : يا رسول الله ، إن بني جعفر تصيبهم العين ، أفنسترقي لهم ؟ ، قال : نعم ، فلو كان شيء سابق القدر لسبقته العين . وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وروى أبو داود عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغسل منه المعين . وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وأخرج الإمام أحمد ( 15550 ) ومالك ( 1811 ) والنسائي وابن حبان وصححه الألباني في المشكاة ( 4562 ) عن سهل بن حنيف أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار ( اسم موضع ) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكان رجلا أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أحد بني عدي بن كعب وهو يغتسل فقال : ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة ، فلبط سهل ، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل : يا رسول الله ، هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه ، قال : هل تتهمون فيه من أحد ؟ ، قالوا : نظر إليه عامر بن ربيعة ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامرا فتغيظ عليه ، وقال : علام يقتل أحدكم أخاه ، هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكت ، ثم قال له : اغتسل له ، فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفأ القدح وراءه ، ففعل به ذلك ، فراح سهل مع الناس ليس به بأس .
( جلد مخبأة ) أي جلد عذارء
( لبط ) أي صُرع وسقط .
( داخلة إزاره ) أي الجزء الملامس للبدن من الإزار
فالجمهور من العلماء على إثبات الإصابة بالعين ؛ للأحاديث المذكورة وغيرها ، ولما هو مشاهد وواقع .
وأما الحديث الذي ذكرته " ثلث ما في القبور من العين " : فلا نعلم صحته ، ولكن ذكر صاحب " نيل الأوطار " أن البزار أخرج بسند حسن عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالأنفس – يعني : بالعين – " .
ويجب على المسلم أن يحصن نفسه من الشياطين من مردة الجن والإنس بقوة الإيمان بالله واعتماده وتوكله عليه ولجئه وضراعته إليه ، والتعوذات النبوية وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي ، ومن التعوذات : " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " و " أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ، ومن شر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون " ، وقوله تعالى حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ونحو ذلك من الأدعية الشرعية ، وهذا هو معنى كلام ابن القيم المذكور في أول الجواب .
وإذا علم أن إنسانا أصابه بعينه أو شك في إصابته بعين أحد فإنه يؤمر العائن أن يغتسل لأخيه فيحضر له إناء به ماء فيدخل كفه فيه فيتمضمض ثم يمجه في القدح ويغسل وجهه في القدح ثم يدخل يده اليسرى فيصب على ركبته اليمنى في القدح ثم يدخل يده اليمنى فيصب على ركبته اليسرى ثم يغسل إزاره ثم يصب على رأس الذي تصيبه العين من خلفه صبة واحدة فيبرأ بإذن الله .
" فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " ( 1 / 186 ) .
وسئل الشيخ محمد الصالح العثيمين :
هل العين تصيب الإنسان ؟ وكيف تعالج ؟ وهل التحرز منها ينافي التوكل ؟ .
فأجاب بقوله :
رأينا في العين أنها حق ثابت شرعاً وحسّاً ، قال الله – تعالى - : وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم القلم / 51 ، قال ابن عباس وغيره في تفسيرها : أي يعينوك بأبصارهم ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر سبقت العين ، وإذا استغسلتم فاغسلوا " رواه مسلم ، ومن ذلك ما رواه النسائي وابن ماجه أن عامر بن ربيعة مر بسهل بن حنيف وهو يغتسل ... – وساق الحديث - .
والواقع شاهد بذلك ولا يمكن إنكاره .
وفي حالة وقوعها تستعمل العلاجات الشرعية وهي :
1- القراءة : فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا رقية إلا من عين أو حمة " الترمذي 2057 و أبو داود 3884 ، وقد كان جبريل يرقي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " باسم الله أرقيك ، من كل شيء يؤذيك ، من شر كل نفس أو عين حاسد ، الله يشفيك ، باسم الله أرقيك " .
2- الاستغسال : كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم عامر بن ربيعة في الحديث السابق ثم يصب على المصاب .
أما الأخذ من فضلاته العائدة من بوله أو غائطه فليس له أصل ، وكذلك الأخذ من أثره ، وإنما الوارد ما سبق من غسل أعضائه وداخلة إزاره ولعل مثلها داخلة غترته وطاقيته وثوبه ، والله أعلم .
والتحرز من العين مقدماً لا بأس به ، ولا ينافي التوكل بل هو التوكل ؛ لأن التوكل الاعتماد على الله –سبحانه – مع فعل الأسباب التي أباحها أو أمر بها وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول: " أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " الترمذي ( 2060 ) وأبو داود ( 4737 ) ويقول : " هكذا كان إبراهيم يعوذ إسحاق وإسماعيل عليهما السلام " ، رواه البخاري ( 3371 ) .
والله أعلم .
0 تعليق
إرسال تعليق